الأحد، 13 نوفمبر 2016
شبهات وردود حول الخمس ووجوبه
س1 : ما هي ادلة وجوب تسليم الخمس حصرا الى مرجع تقليد المكلف ليصرفها في مواردها المقررة؟ وخاصة ان المكلف بنفسه يمكنه صرف نصف خمسه في سبيل الله للموارد التي يحرز رضا الامام الغائب عليه السلام، والنصف الاخر الى الفقراء والمساكين من السادة الهاشميين
ج: يجيز الفقهاء صرف سهم السادة من قبل المكلف دون الرجوع الى الحاكم الشرعي وانما يحتاطون في سهم الامام (عليه السلام) ويذكر السيد الخوئي الدليل على ذلك بقوله في كتاب الخمس ص346:
يبقى الكلام في أن المالك هل هو مستقل في هذا التصرف أو أنه يتوقف على مراجعة الحاكم الشرعي والاستيذان منه ؟ يتبع هذا ما عليه المالك من الوجدان ولا يصل الأمر إلى البرهان فإنه إن كان قد وجد من نفسه - فيما بينه وبين ربه - أنه قد أحرز رضا الإمام (عليه السلام) بالمصرف الكذائي بحيث كان قاطعا أو مطمئنا به فلا اشكال ولا حاجة معه إلى المراجعة, إذ لا مقتضي لها بعد نيل الهدف والوصول إلى المقصد .
وأما إذا لم يجد من نفسه هذا الاحراز بل انقدح في ذهنه احتمال أن يكون هذا الصرف منوطا بإذن نائب الإمام في عصر الغيبة كما كان منوطا بإذن نفسه في عصر الحضور ولم يتمكن من دفع هذا الاحتمال الذي يستطرق لدى كل أحد بطبيعة الحال, بل هو جزمي غير قابل للانكار, ولا أقل من أجل رعاية المصالح العامة والتحفظ على منصب الزعامة الدينية, كان اللازم عندئذ مراجعة الحاكم الشرعي لعدم جواز التصرف في مال الغير وهو الإمام (عليه السلام) ما لم يحرز رضاه المنوط بالاستيذان من الحاكم حسب الفرض .
ومنه تعرف أنه لا حاجة إلى اثبات الولاية العامة للحاكم الشرعي في كافة الشؤون, وإن جميع ما كان راجعا إلى الإمام حال حضوره راجع إلى نائبه العام حال غيبته, بل مجرد الشك في جواز التصرف بدون إذنه كاف في استقلال العقل بلزوم الاستيذان منه, للزوم الاقتصار في الخروج عن حرمة التصرف في ملك الغير على المقدار المتيقن من إذنه ورضاه وهو مورد الاستيذان, إذ بدونه يشك في الجواز ومقتضى الأصل عدمه .
ومن ثم كانت الاستجازة مطابقة لمقتضى القاعدة حسبما عرفت .
2- الروايات التي ذكرت في إباحة وحلية الخُمس للشيعة بإلاضافة إلى معارضتها بما ورد من الطائفتين من الروايات( طائفة الروايات الآمرة بدفع الخمس/وطائفة الروايات الظاهرة في نفي التحليل مطلقا) فهي ـ أي الروايات في تحليل الخُمس ـ غير قابلة للتصديق في نفسها ولا يمكن التعويل عليها.
أولا: من أجل منافاتها لتشريع الخُمس الذي هو لسد حاجات السادة والفقراء من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم إذ لو لم يجب دفع الخُمس على الشيعة والمفروض إمتناع أهل السنة وإنكارهم لهذا الحق فمن أين يعيش الفقراء فقراء السادة والمفروض حرمة الزكاة عليهم فلايمكن ألأخذ بإطلاق هذه النصوص جزماً.
ثانيا: أنها معارضة بالروايات الكثيرة الآمرة بدفع الخُمس في الموارد المتفرقة والأجناس المتعددة كقوله عليه السلام خذ من أموال الناصب ما شئت وادفع إلينا خمسه، أو من أخذ ركازا فعليه الخمس، وما ورد في أرباح التجارات من صحيحة علي بن مهزيار الطويلة وغيرها. فلو كان مباحا للشيعة وساقطا عنهم فلماذا يجب عليهم الخُمس وما معنى الأمر بالدفع في هذه النصوص المتكاثرة، وهل ترى إن ذلك لمجرد بيان الحكم الإقتضائي غير البالغ مرحلة الفعلية بقرينة نصوص التحليل.
هذا مضافا إلى معارضتها بالطائفة الثانية الظاهرة في نفي التحليل مطلقا مثل ما رواه علي بن إبراهيم عن أبيه قال: كنت عند أبي جعفرالثاني (عليه السلام) إذ دخل عليه صالح بن محمد بن سهل وكان يتولى له الوقف بقم فقال يا سيدي إجعلني من عشرة الآف درهم في حل فإني قد أنفقتها فقال له أنت في حل، فلما خرج صالح، فقال أبو جعفر عليه السلام: أحدهم يثب على أموال(حق) آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأيتامهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم فيأخذه ثم يجئ فيقول إجعلني في حل، أتراه ظن أني أقول لا أفعل والله ليسألنهم الله يوم القيامة عن ذلك سؤالا حثيثا.
ومعتبرة أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول من اشترى شيئا من الخُمس لم يعذره الله اشترى ما لا يحل له. الوسائل باب3 من أبواب الأنفال الحديث.
والمتحصل من جميع ما ذكرناه( والعبارة للسيد الخوئي )لحد الآن أن المستفاد من نصوص الباب بعد ضم البعض إلى البعض والجمع بينهما إنما هو التفصيل بين الخُمس الواجب على المكلف بنفسه إبتداءاً فلا تحليل، وبين ما انتقل إليه من الغير فلا خمس عليه وإنما هو في عاتق من انتقل عنه. فيتعلق ببدله إن كان له بدل، وإلا ففي ذمته كما في الهبة ومرجعه إلى إجازة ذلك النقل من قبل ولي ألأمر.
س2 : هناك روايتة أثارت استغرابي ولم أفهمهما جيدا فيا حبذا شرحها ....:
ما ورد في كتاب الغيبة للشيخ الطوسي "وأما الخمس فقد أبيح لشيعتنا و جعلوا منه في حل إلى وقت ظهور أمرنا لتطيب ولادتهم ولا تخبث" وهي مروية عن الامام الحجة (عج) فهل الخمس ليس واحبا علينا في زمن الغيبة!!؟؟
وقد اطلعت على جواب لكم حول الرواية ولم أفهمه.
الجواب:
قد تقدم منا ذكر الروايات التي توجب على المكلف العمل بدفع الخمس وهي تدل على الوجوب اما الروايات التي يفهم منها ان الخمس حلال على الشيعة وانه ليس عليهم دفعه تؤدي الى حصول المنافاة بين دلالة الطائفة الاولى التي توجب الخمس وبين دلالة الطائفة الثانية التي لاتوجبه وهناك طرق يسلكها العلماء لحل مشكلة التعارض بين الروايات منها طريقة الجمع وهو ان يعمل العالم بكلتا الطائفتين ولكن بعد ان يضيف اليها طائفة ثالثة يفهم منها ان المال الذي يأتي من الاخرين ويعطى للشيعة ليس عليه الخمس أي انه حلال للشيعة وسوف تكون النتيجة ان الخمس واجب على المكلف نفسه في امواله من التجارة والصناعة وغيرها اما الاموال التي تأتيه من الغير( سواء كان الغير لا يعتقد بأصل بالخمس او يعتقد ولكن لا يدفع الخمس ) فلا يجب دفع خمسها وهو الذي يدل عليه قوله (عليه السلام) : فقد ابيح لشيعتنا.
س : هل هذه الأدلة تدل على سقوط الخمس:
* عن أبي عبد الله (ع) - في قوله تعالى: (( واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى )) قال: هي - والله - الإفادة يوما بيوم إلا أن أبي جعل شيعته في حل ليزكوا (أصول الكافي للكليني 1/544)
* عن أبي عبد الله (ع) قال: ان الناس كلهم يعيشون في فضل مظلمتنا ، إلا أنا أحللنا شيعتنا من ذلك. ( فقيه من لا يحضره الفقيه للقمي 2/24)
* عن أبي عبد الله (ع) وقد جاءه أحد أتباعه بمال فرده عليه وقال - قد طيبناه لك وأحللناك فيه فضم إليك مالك وكل ما في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محللون حتى يقوم قائمنا ( أصول الكافي 1/408)
* عن يونس بن يعقوب قال: كنت عند أبي عبد الله (ع) فدخل عليه رجل من القماطين فقال: جعلت فداك في أيدينا الأرباح والأموال وتجارات نعرف حقك فيها ثابت وأنا عن ذلك مقصرون. فقال (ع) ما أنصفناكم ان كلفناكم ذلك اليوم. فقيه من لا يحضره الفقيه للقمي 2/23
* وقد بوب الطوسي في الاستبصار: ( باب ما أباحوه لشيعتهم عليهم السلام من ـ الخمس حال الغيبة )أورد تحته عدة روايات منها ما سبق ذكرها ومنها:
- عن أبي عبد الله (ع) قال: هذا لشيعتنا حلال الشاهد منهم والغائب ، والميت منهم والحي ومن تولد منهم إلى يوم القيامة فهو لهم حلال ( الاستبصار 2/57)
ـ عن أبي جعفر (ع) قال: أمير المؤمنين (ع) هلك الناس في بطونهم وفروجهم لأنهم لم يؤدوا إلينا حقنا ، ألا وإن شيعتنا من ذلك وآباءهم في حل. الاستبصار 2/59
ـ وروى في موضع آخر الرواية التالية: عن أبي عبد الله (ع) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه المغنم أخذ صفوه وكان ذلك له ثم يقسم ما بقي خمسة أخماس ثم يأخذ خمسه ثم يقسم أربعة أخماس بين الناس. ( الاستبصار 2/57 فرق الله تعالى في كتابه بين الكسب والغنيمة وبين أن في الأول الزكاة والصدقة فقال: (( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ، ومما أخرجنا لكم من الأرض ))(البقرة:267).
جاءت هذه الآية ضمن أربع عشرة آية تتحدث عن الإنفاق بدأت بقوله تعالى: (( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل... )) (البقرة:261).
وانتهت بقوله تعالى: (( الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون )) (البقرة:274)، ثم ذكر الله بعدها سبع آيات عن الربا وآيتين عن الدين ثم ختم السورة بثلاث آيات ، ولم يذكر قط ان في المكاسب شيئا اسمه ( الخمس).
لكنه في سورة الأنفال لما ذكر القتال بين أن في غنائمه ( الخمس ) فقال: (( واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه )) (الآية:41). فالخمس في الغنائم لا المكاسب، والله تعالى قادر - لو أراد - على أن يقول: (( واعلموا أنما كسبتم من شيء فإن لله خمسه )) لكنه لم يقل ذلك، وإنما قال: (( واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه )) الركاز الذي فيه الخمس هو بمثابة مال للكافر أي كأنه مال غنيمة أي رجع الامر الى الغنائم وليس مكسبا كسبه الانسان من جهده وعرقه وفي أن سيدنا علي (صلى الله عليه وآله) أخذها: ان الجرة التي سقطت على رجل في الكوفة كما وردت في سنن البيهقي فالراوي يقول جرة سقطت أي لم تكن مكسبا من تجارة وكد يمين ثانيا انها سقطت من دير في الكوفة وبالتالي اعتبرت كغنائم الحرب لان الدير للنصارى أي الاموال الموجودة فيه حكمها حكم الغنائم المأخوذة منهم في الحرب فمن الطبيعي ان يكون فيها الخمس
الجواب:
إن الخمس باعتباره فرعاً من فروع الدين يعود شأن الاستنباط فيه إلى الفقهاء ، فهم وحدهم أصحاب القول الفصل في الموضوع ، وقد تناول فقهاء الإمامية اعزهم الله الروايات المشار إليها والتي تقول بحلية الخمس وانه مباح لشيعة أهل البيت(عليهم السلام) بالتحقيق والتدقيق ويمكنم العودة إلى الكتب الاستدلالية للإطلاع التفصيلي على القول الفصل في هذه المسألة.. ولكن على سبيل الفائدة العلمية نذكر لكم البيان التالي باختصار.
قال فقهاء الإمامية: إن هذه الروايات الواردة في كتب الحديث عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) باباحة الخمس لشيعتهم وإسقاطه عنهم، معارضة بمثلها من الروايات الواردة الآمرة بأخذ الخمس والتشديد فيه، ومن هذه الروايات نذكر:
ما رواه شيخ الطائفة الطوسي بإسناده عن محمد بن زيد الطبري، قال: قدم قوم من خراسان إلى ابي الحسن الرضا(عليه السلام) فسألوه أن يجعلهم في حل من الخمس فقال (عليه السلام) ما أمحل هذا تمحضونا بألسنتكم وتزوون عنا حقاً جعله الله لنا وجعلنا له وهو الخمس، لا نجعل لا نجعل لا نجعل لأحدٍ منكم في حل (وسائل الشيعة: الباب 3 من ابواب الأنفال ح3).
وبإسناده عن الطبري أيضاً، قال: كتب رجل من تجار فارس من بعض موالي أبي الحسن الرضا(عليه السلام) يسأله الإذن في الخمس فكتب إليه: بسم الله الرحمن الرحيم إن الله واسع كريم ضمن على العمل الثواب وعلى الخلاف العذاب، لا يحل مالٍ إلا من وجه أحله الله، إن الخمس عوننا على ديننا وعلى عيالاتنا وعلى موالينا وما نبذله ونشتري من أعراضنا ممن نخاف سطوته، فلا تزووه عنا ولا تحرموا أنفسكم دعائنا ما قدرتم عليه، فإنَّ اخراجه مفتاح رزقكم وتمحيص ذنوبكم وما تمهدون لأنفسكم ليوم فاقتكم، والمسلم من يفي بما عهد إليه، وليس المسلم من أجاب باللسان وخالف بالقلب، والسلام. (الوسائل: الباب 3 من أبواب الأنفال الحديث 2).
وروى الكليني في (الكافي) عن إبراهيم عن أبيه قال كنت عند أبي جعفر الثاني (الجواد) (عليه السلام) إذ دخل عليه صالح بن محمد بن سهل وكان يتولى له الوقف بقم فقال: سيدي اجعلني من عشرة الآف درهم في حل فاني قد انفقتها، فقال له: أنت في حل، فلما خرج صالح، فقال أبو جعفر (عليه السلام): أحدهم يثب على أموال (حق) آل محمد وأيتامهم ومساكنهم وأبناء سبيلهم فيأخذه ثم يجيء فيقول اجعلني في حل، أتُراه ظن أني أقول لا أفعل والله ليسألنهم الله يوم القيامة عن ذلك سؤالاً حثيثاً. (المصدر السابق: حديث 1).
والظاهر من هذه الرواية بمقتضى القرائن الموجودة فيها، أنَّ المراد من الأموال هو الخمس، إذ عبّر (عليه السلام) بأيتام آل محمد، فأنها نفس المصارف المذكورة في آية الخمس.
وروى الصدوق في (الفقيه) عن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفر (الباقر) عليه السلام: ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟ قال: ((من أكل من مال اليتيم درهماً ونحن اليتيم)) (المصدر السابق في الباب الثاني من أبواب الأنفال، ح5).
وروى عن عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله (الصادق) عليه السلام قال: ((إني لآخذ من أحدكم الدرهم واني لمن اكثر أهل المدينة مالاً ما أريد بذلك إلا أن تطهروا)) (ن.م الباب من ابواب ما يجب فيه الخمس ح3).
وروى الشيخ الطوسي في معتبرة ابي بصير عن أبي جعفر(ع) قال: سمعته يقول: ((من اشترى شيئاً من الخمس لم يعذره الله ، اشترى ما لا يحل له)) (ح5).
وروى الكليني عن أبي بصير عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: لا يحل لأحد أن يشتري من الخمس شيئاً حتى يصل إلينا حقّنا)) (ح4).
وروى الشيخ الطوسي في صحيحة علي بن مهزيار قال: ((كتب إليه أبو جعفر (عليه السلام) وقرأت أنا كتابه إليه في طريق مكة وإلى أن قال: أن موالي أسال الله صلاحهم أو بعضهم قصّروا فيما يجب عليهم فعلمت ذلك فاحببت أن اطهرهم وازكيهم بما فعلت في عامي هذا من أمر الخمس (إلى أن قال) فأما الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام فمن كان عنده شيء من ذلك فليوصل إلى وكيلي، ومن كان نائباً بعيد الشقة فليعمد لإيصاله ولو بعد الحين فإنَّ نية المؤمن خير من عمله)) (الباب 8 من ما يجب فيه الخمس ح1).
وهناك روايات أخرى أكدت أيضاً على وجوب دفع الخمس عند سؤال الأئمة (عليهم السلام) عنه، ولم يذكروا لهم من الإباحة أو التحليل شيئاً، ومن هذه الروايات:
ما رواه الشيخ الطوسي من صحيحة علي بن مهزيار، قال: قال لي أبو علي بن راشد قلت له: أمرتني بالقيام بأمرك وأخذ حقك فأعلمت مواليك ذلك، فقال بعضهم: وأي شيء حقّه؟ فلم أدر ما أجيبه؟ فقال:(يجب عليهم الخمس). فقلت: ففي أي شيء: فقال: ((في امتعتهم وضياعهم)) قلت: فالتاجر عليه والصانع بيده؟ فقال: ((ذلك إذا أمكنهم بعد مؤنتهم)) (وسائل الشيعة الباب 8 من ابواب ما يجب فيه الخمس حديث 3).
وأيضاً ما رواه من صحيحة علي بن مهزيار الأخرى عن علي بن محمد بن شجاع النيشابوري: أنه سأل أبا الحسن الثالث (الإمام الرضا عليه السلام) عن رجل أصاب من ضيعته من الحنطة مائة كر ما يزكّي؟، فأخذ منه العشر عشرة أكرار وذهب منه بسبب عمارة الضيعة ثلاثون كراً وبقي في يده ستون كراً ما الذي يجب لك من ذلك؟ وهل يجب لأصحابه من ذلك شيء؟ فوقع عليه السلام: ((لي منه الخمس من ما يفضل من مؤنته)) (المصدر السابق: حديث 2).
وأيضاً ما رواه من صحيحة علي بن مهزيار أيضاً عن محمد بن الحسن الأشعري قال: كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني (الجواد) (عليه السلام): أخبرني عن الخمس أعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب وعلى الضياع وكيف ذلك؟ فكتب بخطه عليه السلام: (الخمس بعد المؤمنة) (المصدر السابق: الحديث رقم1).
فهذه الروايات وغيرها الواردة في وجوب دفع الخمس والشاملة للمعدن والكنز ومال الناصب بعد أخذه، والغوص، والفاضل عن مؤنة السنة،كما مر بيانه،وفي الأرض التي يشتريها الذمي من مسلم، وفي المال الحلال المختلط بالحرام، بالإضافة إلى خمس غنائم دار الحرب (يراجع الأحاديث الدالة في المصدر السابق).
نقول: كل هذه الروايات تؤكد وجوب العمل بهذه الفريضة المهمة من فرائض الشرع المقدس، وقد اهتم الأئمة المعصومون (عليهم السلام) ببيان أحكامها وتفصيل الدقيق من مسائلها.
وعند وجود تعارض ما بين الروايات فهناك ضوابط يلجأ إليها الفقيه تستند إلى نفس أقوال أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في هذا المورد، فالفقيه يلجأ إما إلى الجمع العرفي، أو الجمع التبرعي (إن وجد له شاهد من آية او رواية)، أو لطرح هذه الروايات واللجوء إلى الأصول العملية لاستنباط الحكم في المقام.
ومن هنا قال الفقهاء في المورد الذي نتكلم عنه، وهو روايات التحليل للخمس مع الروايات التي مر ذكرها، الأقوى في مقام الجمع حمل نصوص التحليل على ما انتقل إلى الشيعة ممن لا يعتقد الخمس أو ممن لا يخمّس وان اعتقد ذلك، وأما ما وجب على المكلّف نفسه فلا موجب لسقوطه، ولم يتعلق به التحليل فتكون نصوص التحليل ناظرة إلى الأول، ونصوص العدم (عدم التحليل) إلى الثاني، وتدلنا على هذا التفصيل طائفة ثالثة من الأخبار تعد وجهاً للجميع بين الطائفتين المتقدمتين وشاهداً عليه والعمدة منها روايتان:
إحداهما: ما رواه الشيخ الطوسي والصدوق بإسنادهما عن يونس بن يعقوب، قال: كنت عند أبي عبد الله (الصادق) (عليه السلام) فدخل عليه رجل من القماطين فقال: جعلت فداك تقع في أيدينا الأموال والأرباح وتجارات نعلم أنَّ حقّك فيها ثابت وأنا عن ذلك مقصّرون، فقال أبو عبد الله عليه السلام: (ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك اليوم) (الوسائل: الباب 4 من ابواب الأنفال حديث 6).
فقد دلت على التحليل بالإضافة إلى الأموال التي تقع في الأيدي، أي تنتقل من الغير بشراء ونحوه، وأنه لا يجب على الآخذ ومن انتقل إليه الخمس، وانهم عليهم السلام حللوا ذلك لشيعتهم.
ثانيتهما: ما رواه الشيخ بإسناده عن أبي سلمة سالم بن مكرم وهو أبو خديجة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رجل وأنا حاضر: حلل لي الفروج ففزع ابو عبد الله عليه السلام، فقال له رجل: ليس يسالك أن يعترض الطريق، إنما يسالك خادماً يشتريها او أمرأة يتزوجها أو ميراثاً يصيبه أو تجارة أو شيئاً أعطيه فقال: ((هذا لشيعتنا حلال الشاهد منهم والغائب، والميت منهم والحي وما يولد منهم إلى يوم القيامة فهو لهم حلال، أما والله لا يحل إلا لمن أحللنا له)) (الوسائل الباب 4 من ابواب الانفال الحديث 4).
وهي صريحة في المدّعى، نعني التحليل في المال المنتقل إليه بشراء ونحوه.
فالمستفاد من نصوص الباب بعد ضم البعض إلى البعض والجمع بينهما إنما هو التفصيل بين الخمس الواجب على المكلف نفسه ابتداءً فلا تحليل، وبين ما انتقل إليه من الغير فلا خمس عليه، وإنما هو في عاتق من انتقل عنه. فيتعلق ببدله إن كان له بدل وإلا ففي ذمته كما في الهبة. ومرجعه إلى إجازة ذلك النقل من قبل ولي الأمر، وهو ما دلت عليه نصوص التحليل السابقة.
هذا ما أفاده السيد الخوئي (قدس) في محضر درسه الشريف في هذه المسألة، وبالإمكان مطالعة بحثه في (مستند العروة الوثقى،ص348).
وهناك بيانات أخرى لعلمائنا الأعلام في الموضوع يمكنكم مراجعتها، والاطلاع عليها وهناك بيان مهم أفاده السيد الهاشمي في الموضوع، راجعوه في دورته الفقهية النفيسة (بحوث في الفقه/كتاب الخمس ج2 ص76 ـ 69) وكذلك السيد محمد صادق الروحاني في (فقه الصادق/مبحث الخمس) وكذا غيرهم من الأعلام.
ودمتم في رعاية الله
تعليق على الجواب (1)
هذا العرض من الكلام لا يعد دليل بل نثر ونقل معلومات على سبيل قال العلماء وهذا ما ذهب اليه الفقهاء وهذا ما اعتقد الفقهاء وهذا ما استفاده الفقهاء وقولكم ان موضوع الخمس من الفروع والفروع يختص بها الفقهاء هذا كلام تهرب ولا يوجد في كلامك أي دليل
قولكم
(( ومن هنا قال الفقهاء في المورد الذي نتكلم عنه، وهو روايات التحليل للخمس مع الروايات التي مر ذكرها، الأقوى في مقام الجمع حمل نصوص التحليل على ما انتقل إلى الشيعة ممن لا يعتقد الخمس أو ممن لا يخمّس وان اعتقد ذلك ))
ما هي فائدة الجمع بين الروايات هل غفلتم ان لاهل البيت الولاية التشريعية فلكل امام حكمه وما يأمر به فما علاقة الامام الصادق والرضا بالامام المهدي اهل البيت لهم الولاية التشريعية وثانيا ان الخمس لهم وهم يصرفونه وهم لهم الحق ان يحللوه لمن شائوا فهم اولياء النعم كما جاء عن الامام المهدي عجل الله فرجه اخر جواب له بأن قال اما الخمس فقد ابيح لشيعتنا فكل ما سبق يحمل على الوجوب في زمن كل امام والروايت تتكلم عن وجوب الخمس وتسليمه للامام حال حظوره والتماس معه وهذا ما نفاه الامام المهدي فأن اخر ما صدر عن المعصوم هو التحليل فلا نحتاج الى الرجوع الى ما قبله من الائمة لان الامام المهدي له الولاية التشريعية متى سوف تفهمون هذا !!!
الحديث التالي
ما رواه الشيخ الطوسي والصدوق بإسنادهما عن يونس بن يعقوب، قال: كنت عند أبي عبد الله (الصادق) (عليه السلام) فدخل عليه رجل من القماطين فقال: جعلت فداك تقع في أيدينا الأموال والأرباح وتجارات نعلم أنَّ حقّك فيها ثابت وأنا عن ذلك مقصّرون، فقال أبو عبد الله عليه السلام: (ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك اليوم)
هذا الرجل من القماطين قال تقع في ايدينا ولا نعلم ان كانت هذه الكلمة بالمعنى وما ادرانا ان لم يحدث تصحيف
ثانيا على فرض انها بالاصل تقع ولكن الرجل عدد يقول تقع في ايدينا الاموال والارباح وتجارات !! هل التجارة جنس من اجناس الخمس ان انه يقصد ارباح التجارة كما انه كيف يقع في يده الربح هل الربح ينقل مثلا ؟ على حسب الكلمة تقع في ايدينا لان المعنى لا يستقيم والفهم الصحيح ليس تقع بل توجد لان التجارة توجد عنده ولا تقع عنده كذلك الربح هل فكرتم هل حدث وحصل ان شخص وقع في يده ربح او تجارة ؟؟؟؟
ثانيا وما المانع ان وجد روايات تحلل المال المنتقل فهذا ما يقول به العقل قبل الشرع والا لا يدوم مال عند شيعي قط وللأفلس الشيعة لانهم اكثر تعاملهم مع الصين في ايامنا فأي عقل يقول بأن نخمس ما نحصل عليه لان الاخر لم يخمس. فبوجود هذه الرواية تحل المشكلة وهذا لا يعني ان القول بتحليل الخمس محتكم الى هذه الرواية بل هذه الرواية بيان حكم فرعي في مسألة فرعية والورايت التحليلية تبين حكم الفرع أي الخمس نفسه لا فرع الفرع فأن الموضوع لا يتحد.
تقولون هذا ما افاده السيد الخوئي وفلان وفلان وفلان !!! هل يهمنا من وما يقول في الخمس اذا كانت الحقيقة قائمة بنفسها وذكركم لمن ذكرتم يدل على ضعفكم واستنادكم الى الرجال والحق لا يعرف بالرجال وهذه مهانة كبيرة جدا تقوون ما تذهبون اليه بالرجال
ولماذا غفلتم ولم تذكرو اراء من هم اكبر ممن ذكرتم مثل الشيخ المفيد اذ يقول في رسالته المقنعة ص285 بأنه يرجح رأي توارث الخمس ولا يجوز اعطائه الا للامام وغيره من الفقهاء ممن قال بدفنه ومن قال بتحليله ومن كبار الفقهاء.
ارجو منكم الاجابة مشكورين
الجواب:
أولاً: انه من المنطق والعقل عند حدوث نزاع او مخاصمة في مسألة علمية معينة لابد من الرجوع فيها الى اهل الاختصاص اصحاب الفن لحسم النزاع فهذا هو اصل عقلائي فالجاهل يرجع الى العالم وايضا اشار اليه القران في قوله تعالى : (فسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون) النحل / آية 43 ومسألتنا من هذا القبيل فلابد من الرجوع الى اهل الاختصاص في تحديد الموقف من روايات تحليل الخمس وهم الفقهاء وعلماء المذهب ومن جميعهم يظهر ان التحليل المطلق للخمس لم يقل به احد فالشبهة التي ذكرت من تحليل الائمة للخمس مطلقا باطلة .
ثانياً: ان الطريقة التي عالجوا بها تعارض الروايات هو الجمع العرفي كما تقدم ذلك منا وهي طريقة علمية معتمدة لا تختص بمورد الخمس بل تعم جميع موارد الفقه وفي مقامنا ذكرت وجوه كثيرة للجمع بين الطوائف المختلفة من الاخبار واحسن الوجوه التي ذكرت هو ان يختص التحليل بما انتقل من اموال المخالفين الى الشيعة التي تخرج خمسها فلا يشمل تحليل الشيعة انفسهم من الاخماس التي تعلقت بأموالهم.
ثالثاً: انكم تعترضون على فكرة الجمع العرفي بين الروايات والحال انكم اردتم تطبيق نفس فكرة الجمع العرفي لحل المشكلة وذلك من خلال حمل روايات الائمة التي قالت بوجوب الخمس على الوجوب زمن حضور الامام المعصوم واما ما صدر من الامام المهدي (عليه السلام) من التحليل فحملتموه على عصر الغيبة وبذلك جمعتم بين الوجوب والتحليل فاستخدمتم نفس طريقة الفقهاء للوصول الى النتيجة التي تريدونها ولكن لا يتم جمعكم لان روايات الوجوب مطلقا تشمل عصر الحضور وعصر الغيبة وبالعكس فان روايات التحليل ليست مطلقة ولا نريد ان نناقشكم في تفاصيل تطبيقكم ولكن نقول لكم انكم تسلمون بفكرة الجمع العرفي ولعله من حيث لا تشعرون وكلامكم يدل على ذلك .
رابعاً: لا نعرف وجها انه لماذا لم تقبلوا رواية الشيخ الطوسي عن الامام الصادق (عليه السلام) مع انها من روايات التحليل ولا نرى وجها لرفضها ولعل وجه رفضكم لها هو انكم اردتم ان تقولوا ان التحليل صدر فقط وفقط من الامام المهدي (عليه السلام) ومن سائر الائمة وهذا لا يمكن الالتزام به لوجود روايات التحليل من بقية الائمة (عليهم السلام) .
خامساً: ان ما ذكرتم من الولاية التشريعية للائمة ليس لها علاقة بموضوعنا ان تشريع الخمس يدل عليه الكتاب والسنة الشريفة أجل روايات التحليل تدل على اسقاط حقهم عليهم السلام وليس تشريع عدم الوجوب فهذا لا معنى له وقد عرفت ان اسقاط حقهم ليس مطلقا ولكن مقيد بما انتقل من أموال المخالفين الى الشيعة كما تقدم.
سادساً: وأما ما ذكره الشيخ المفيد من رأي فتمت الاجابة عليه ضمنا في مجموع اجوبة الاسئلة اللاحقة والقادمة
س : من اول شخص افتى بتعين رأس السنة للخمس في المکاسب؟ ومتى؟ وما هو الدليل النقلي (من الروايات )على ذالك ؟
الجواب:
لعل أول فقيه صرّح بوجوب التخميس من فاضل المؤونه على رأسه السنة هو (السيد المرتضى) المتوفى (436هـ) كما يشير إلى ذلك الشيخ الأنصاري في كتابه (الخمس ص170) حيث قال ما نصه: ((يجب الخمس فيما يفضل عن مؤونة السنة من أرباح المكاسب على المعروف بين الأصحاب، بل عن صريح الانتصار (للسيد المرتضى) والخلاف (للشيخ الطوسي) والغنيه (لأبن زهرة) وظاهر المنتهى والتذكرة (للعلامة الحلي) ومجمع البيان وكنز العرفان ومجمع البحرين الأجماع عليه.
ثم قال: وعن ظاهر القديمين (وهما: ابن أبي عقيل العماني وأحمد بن الجنيد الاسكافي) العفو عن هذا النوع ، وظاهر كلام الأسكافي وجود المخالف في المسألة قبله، حيث قال: لو لم يخرجه الإنسان لم يكن كتارك الزكاة التي لا خلاف فيها)). انتهى.
وأدلة هذا الحكم ظاهرة مستفادة من بعض النصوص التي ذكرها الفقهاء في المتون الاستدلالية كصحيح ابن مهزيار عن الإمام الجواد (عليه السلام): (فأمّا الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام) (الوسائل 9: 502,باب وجوب فيما يفضل من مؤونة السنة ج5). (وأنظر: مستمسك العروة الوثقى 9: 530) .
س : هل الامام علي ،الامام الحسن ،الامام الحسين عليهم السلام اخذوا الخمس من المسلمين؟
من اول امام اوجب الخمس في المکاسب؟
الجواب :
لا نعرف ما الوجه في تخصيص السؤال عن هؤلاء الأئمة الثلاثة (عليهم السلام) في أخذهم للخمس من عدمه!
فإن كان المقصود هو الاستبيان عن مشروعية الخمس، فالأدلة المتظافرة أكدت ذلك وألزمت المسلمين به.
وإن كان المقصود ان هؤلاء الأئمة (عليهم السلام) أخذوا الخمس بلحاظ كونهم حكاماً تنفيذين , فالمعلوم ان الحاكم التنفيذي الوحيد الذي بسطت له الأمور من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) هو الإمام علي (عليه السلام) فقط, وأمّا الإمام الحسن (عليه السلام) فقد اضطربت معه الأمور, والحسين (عليه السلام) حاله معلوم عندكم..
وعلى أية حال فقد دلت الأخبار والآثار المروية عن الفريقين على أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قد أخذ الأخماس أيام خلافته, وكانت تجبى إليه ويأخذها ثم يردها إلى أصحابها ليصرفوها أو يجيزهم في الصرف على الفقراء.
فمن ذلك ما رواه البيهقي في (السنن 4: 156, 157) : أن رجلاً سقطت عليه جرة من دير بالكوفة فأتى به علياً (عليه السلام), فقال: أقسمها أخماساً, ثم قال خذ منها أربعة أخماس ودع واحداً, ثم قال: في حيّك فقراء ومساكين, قال: نعم. قال (عليه السلام): (خذها فأقسمها فيهم). (انتهى).
ومن ذلك ما رواه الصدوق في (الفقيه) بإسناده قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين أصبت مالاً أغمضت فيه أفلي توبة؟ قال (عليه السلام): إئتيني خمسه فأتاه بخمسه, فقال (عليه السلام): هو لك إن الرجل إذا تاب تاب ماله معه. (وسائل الشيعة باب 10 من أبواب ما يجب فيه الخمس ح 3). وفي مضمون هذين الخبرين أخبار أخرى يمكنكم مراجعتها في كتاب (الخمس/ للسيّد علي السبزواري ص 179, 180).
وأمّا سؤالكم عن أول إمام أوجب خمس المكاسب، فإن الظروف القاهرة التي جرت على أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم بعد مقتل الحسين (عليه السلام) منعت الشيعة من الاتصال بأئمتهم على يسر وحرية , فلم يتسن السؤال عن أمثال هذه المسائل الخطيرة والمهمة , وذلك لما للمسألة المالية ومواردها من شأن خطير وتبعات كبيرة في الجانب السياسي، لذا كان الناس يخشون الكلام فيها وكان الأئمة يتحاشون الجواب الصريح عنها, واستمرت الحال على هذا المنوال حتى قرب العهد بسقوط الدولة الأموية، فتمكن الناس من الاتصال بأئمة الهدى (عليهم السلام), وتسنى للأئمة الاجابة الواضحة عن هذه المسائل المالية الخطيرة.
ومن هنا تجد ان أكثر الأسئلة وأجوبتها عن خمس المكاسب توجهت إلى الإمام الصادق (عليه السلام) ومن بعده من الأئمة حيث سمح لهم الجو العام بالتصدي لبيان مثل هذه المسائل.
وهذا لا يعني أن الخمس في المكاسب لم يكن واجباً في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) بعده إلى زمن الإمام الصادق (عليه السلام), بل ان الروايات الدالة على وجوب الخمس في المكاسب لم تصلنا من الأئمة (عليهم السلام) قبل الإمام الصادق. فلاحظ
س : أرجو منكم أن تدلوني على مصادر تثبت وجوب الخمس من زمن النبي وعدم اقتصاره على غنائم الحرب.
الجواب:
لا يخفى عليك أيّها الأخ الكريم أن الاصل في تشريع الخمس هو قوله تعالى (( وَاعلَموا أَنَّمَا غَنمتم من شَيء فأَنَّ للَّه خمسَه وَللرَّسول وَلذي القربَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكين وَابن السَّبيل )) (لأنفال:41) وقد ثبت في لغة العرب أن المراد بالغنيمة هو مطلق ما يحصل عليه الإنسان حتى ما يظفر به بيسر وسهولة من غير حرب وقتال (انظر معجم مقاييس اللغة لابن فارس 4: 397، والمفردات للراغب الأصفهاني: 366، واقرب الموارد للعلاّمة الشرنوني 4: 73، والمصباح المنير للغيومي 1: 47، وتاج العروس للزبيدي 9: 7، ولسان العرب للفيروز آبادي 15: 342).
وقد صرّح القرطبي في تفسيره (8: 4) بأن الآية تشمل - كما تقتضيه اللغة - مطلق الفوائد والأرباح وأنها غير مختصة بغنائم دار الحرب وذكرها لغنائم دار الحرب إنما كان من جهة بيان أحد المصاديق، وقد خصصها فقهاء أهل السنة بغنائم دار الحرب من جهة الاجماع . هذا ما أفاده القرطبي.
إلا إننا يمكن أن نناقش هذا الاجماع المدّعى بعد تصريحه - أي القرطبي - واعترافه بعموم اللفظ بأنه ما هو مدرك هذا الاجماع بل ما هي حجيّته: فالنقاش طويل في هذا الجانب، إلا إننا سنقتصر على القول هنا بأن دعوى الاجماع هذه لا تتم - ولا حجية لها - بعد ورود أحاديث شريفة توجب الخمس في الغنائم في غير حال الحرب، كقوله (صلى الله عليه وآله) فيما رواه البخاري وغيره: وفي (الركاز الخمس) والمراد بالركاز هو الكنز المستخرج من باطن الأرض.
وقد استفاد البعض من هذا الحديث ذاته وجوب الخمس في العنبر واللؤلؤ، فقد روى البخاري ايضاً عن الحسن قوله: (في العنبر واللؤلؤ الخمس فإنما جعل النبي (صلى الله عليه وآله) في الركاز والخمس ليس في الذي يصاب في الماء) (صحيح البخاري 2: 136).
وهناك جملة من الرسائل النبوية إلى زعماء القبائل والجماعات البعيدة , والنائية عن المدينة يذكر فيها النبي (صلى الله عليه وآله) لهؤلاء اشياءً يجب عليهم الوفاء بها ومنها: دفع خمس ما غنموا. وهذه فيها دلالة واضحة على استفادة مطلق الفائدة من مفهوم الغنيمة المراد دفع خمسها، فهي خطابات لاناس وأقوام عرب لم يخوضوا حروباً وايضاً لم يقيد النبي (صلى الله عليه وآله) في رسائله تلك خصوص غنائم دار الحرب، فتبقى الدلالة المطابقية لمضامين هذه الرسائل النبوية لما يفهمه العربي من كلمة غنيمة حينما يخاطب بها يكون هو مطلق الفائدة لا غير. ويمكن لكم في هذا الجانب مراجعة ما كتبه النبي (صلى الله عليه وآله) لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن، قال: ((بسم الله الرحمن الرحيم هذا عهد من النبي رسول الله لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن، أمره بتقوى الله في أمره كله وأنه يأخذ من المغانم خمس الله وما كتب على المؤمنين الصدقة من العقار عشر ما سقى البعل وسقت السماء)) (تاريخ مدينة دمشق 45: 480 فتوح البلدان للبلاذري 1: 84)، وبمضمون هذا الكتاب كتب النبي (صلى الله عليه وآله) لجهينة بن زيد مع عمرو بن مرة وايضاً لشرحبيل بن كلال ونعيم بن كلال وحارث بن كلال روؤساء قبيلة رعين ومعافر وهمدان وما كتبه (صلى الله عليه وآله) لسعد هذيم من قضاعة وإلى جذيم حين بعث إليهما كتاباً واحداً يعلّمهم فيه فرائض الصدقة ويأمرهم أن يدفعوا الصدقة والخمس إلى رسوله، وهم بطبيعة الحال لم يخوضوا حرباً أو يشنوا هجوماً على أحد. وهناك رسائل أخرى كان النبي (صلى الله عليه وآله) قد بعثها لملوك حمير ولبني ثعلبة بن عامر ولغيرهم تتناول هذا المعنى (انظر طبقات ابن سعد 1: 27، وأسد الغابة 3: 38، وتنوير الحوالك في شرح موطأ مالك 1: 157، تاريخ الطبري 2: 381، 388، البداية والنهاية 5: 8. تاريخ ابن خلدون 2: 54).
بل وتوجد في البخاري رواية ترشد الى عدم اختصاص الخمس بغنائم الحرب فقط بل أنها تشمل مطلق ما يغنمه الأنسان ويربحه من مكاسب مادية، وهو ما يمكن استفادته منها بشيء قليل من التأملز والرواية تقول: ((ان وفد عبد القيس لما أتوا النبي (صلى الله عليه وآله) قال: من القوم، أو من الوفد؟ قال: ربيعة قال: مرحباً بالقوم أو الوفد غير خزايا ولا ندامى فقالوا: يا رسول إنّا لا نستطيع أن نأتيك إلا في الشهر الحرام وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مصر فمرنا بأمر فصل نخبر به من وراءنا وندخل به الجنة وسألوه عن الاشربة فأمرهم بأربع ونهاهم عن اربع أمرهم بالايمان بالله وحده (الى قوله) وان تعطوا من المغنم الخمس)) (المصدر 1: 19).
فالنبي (صلى الله عليه وآله) بحسب هذه الرواية - لم يطلب من بني عبد القيس ان يدفعوا خمس غنائم الحرب، كيف وهم لا يستطيعون الخروج من حيّهم إلا في الوقت الذي تتوقف فيه الحروب بين القبائل العربية وهي الأشهر الحرم، وايضاً لم يعلّق أو يقيد هذا الفرض عليهم بقيد او شرط حصول حرب لهم مع أحد، إذ لم يرد في الفاظ هذا الحديث شيء من هذا القبيل، مع أنه كان ينبغي عند بيان الأحكام المشروطة أو المقيدة بقيد ان يذكر قيدها أو شرطها معها وخاصة ان هذه هي المهمة الرئيسية للنبي (صلى الله عليه وآله) كما يدل عليه قوله تعالى: (( وَأَنزَلنَا إلَيكَ الذّكرَ لتبَيّنَ للنَّاس مَا نزّلَ إلَيهم )) (النحل:44)، فعندئذ يكون عدم ذكره (صلى الله عليه وآله) لقيد دفع خمس الغنائم لخصوص دار الحرب وليس لمطلق الفائدة المادية - مع فرض أنه هو المقصود - اخلال منه(صلى الله عليه وآله) بالواجب المناط به .. وهو مما لا يمكن المصير إليه.. اضافة الى أن مسألة اخراج الخمس من الغنائم الحربية أمر منوط بالنبي (صلى الله عليه وآله) ونائبه في الحرب، فتوجيه مثل هذا الحكم مع كون آلية تطبيقه مقتصرة على افراد معينين يتنافى والكلام وفق مقتضى الحال الذي تعارفت عليه العرب في بلاغتها، إذ القوم لم يسألوا النبي (صلى الله عليه وآله) سوى أن يخبرهم بقول فصل عن الأمور التي ينتفعون بها ويأخذون منها ويدعون من ورائهم إليها، فكان الاجدر به (صلى الله عليه وآله) فيما لو فرض اختصاص الخمس بغنائم الحرب - أن يقتصر في كلامه معهم على التكاليف المباشرة دون غيرها، وهو ما يقتضيه واقع حالهم وسؤالهم؟!
فهذه الملاحظات المهمة وغيرها تلزم الاستفادة بأن المراد بالخمس من المغنم في الرواية انما هو خمس مطلق المغنم ومطلق الفائدة المادية لا خصوص غنائم الحرب.
هذا ما يمكننا بيانه لكم من مصادر أهل السنة حول هذه المسألة وبهذا الشكل المختصر وإلا فيمكن التوسعة في البحث من جوانب أخرى.
وأما بيان المسألة من مصادر أهل البيت (عليهم السلام) فهي أوضح وأجلى لاتفاق الشيعة الإمامية على وجوب اخراج خمس مطلق الفائدة المادية فالمسألة عندهم لا تحتاج إلى كثير بيان في اثبات ادلتها في هذا الجانب!
س : سمعت من البعض ان الخمس في ارباح المكاسب لا اصل له في القران والسنة النبوية وان الائمة (عليهم السلام) بدؤوا بفرضه من زمن الامام الصادق (عليه السلام) على الشيعة لضرورة في وقتها . فما هو ردكم؟
الجواب:
نذكر بعض الروايات التي استفاد الفقهاء منها وجوب الخمس في مطلق الفائدة :
الرواية الاولى : رواية حكيم مؤذن بني عيسى عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال : قلت له : (( وَاعلَمُوا أَنَّمَا غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ )) قال (عليه السلام) : هي والله الافادة يوما بيوم.
الرواية الثانية : موثقة سماعة سألت ابا الحسن (عليه السلام) عن الخمس فقال في كل ما افاد الناس من قليل او كثير .
الرواية الثالثة : رواية محمد بن الحسن الاشعري قال : كتب بعض اصحابنا الى ابي جعفر الثاني (عليه السلام) :اخبرني عن الخمس اعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب وعلى الصناع ؟ وكيف ذلك ؟ فكتب بخطه : الخمس بعد المؤنة .
الرواية الرابعة : صحيحة علي بن مهزيار قال : قال لي ابو علي بن راشد قلت له امرتني بالقيام بامرك واخذ حقك فاعلمت مواليك بذلك، فقال لي بعضهم، واي شئ حقه ؟ فلم ادر ما اجيبه، فقال (عليه السلام) : يجب عليهم الخمس، فقلت : ففي أي شئ ؟ فقال : في امتعتهم وصنايعهم (ضياعهم )، قلت : والتاجر عليه والصانع بيده ؟ اذا امكنهم بعد مؤنتهم .
الرواية الخامسة : ما رواه الشيخ باسناده، عن محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن الحسين عن عبدالله بن القاسم الحضرمي عن عبدالله بن سنان قال : قال ابو عبدالله (عليه السلام) : على كل امرئ غنم او اكتسب الخمس مما اصاب لفاطمة (عليها السلام) ولمن يلي امرها من بعدها من ذريتها الحجج على الناس فذلك لهم خاصة يضعونه حيث شاءوا وحرم عليهم الصدقة حتى الخياط ليخيط قميصا بخمسة دوانيق فلنا منه دانق الا من احللناه من شيعتنا لتطيب لهم به الولادة انه ليس من شئ عند الله يوم القيامة اعظم من الزنا انه ليقوم صاحب الخمس فيقول : يارب سل هؤلاء بما ابيحوا .
س : لقد ثبت بالدليل القرآني والروائي الخمس ، والمدلول القرآني والروائي يأبى أن يقتصر الخمس على الغنيمة الحربية .
ولكن ..
هل كان الخمس بمعناه الواسع مطبقا في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو في عهد الإمام علي عليه السلام ؟
والأمر الآخر هل يجوز للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو وصيه أن يعطل حكمًا إلهيًّا بأن يتجاوز عن الخمس ؟
الجواب:
لقد وردت روايات كثيرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) في بعثه لجملة من الأشخاص كمندوبين عنه إلى بعض القبائل والبلاد البعيدة عن المدينة لجلب الخمس منها. وبعض هذه القبائل لم تكن قد دخلت في حروب أو ما أشبه ليفهم أنه يراد خمس المغانم الحربية , بل لا يمكن إلاّ إستفادة التخميس لمطلق الغنيمة المادية والفائدة.
وهذه النصوص من الرسائل يمكنكم الإطلاع عليها في كتاب ( مكاتيب الرسول ) أو غيره من المدونات التي ذكرت رسائله (صلى الله عليه وآله) للقبائل العربية.
بل هناك رواية ذكرها البخاري في صحيحه ترشد إلى عدم اختصاص الخمس بالمغانم الحربية , وذلك عند كلام النبي (صلى الله عليه وآله) مع وفد عبد القيس عندما وفدوا إليه .
قال البخاري (ج1 / ص 19) : (( إن وفد عبد القيس لما أتوا النبي (ص) قال: من القوم، أو من الوفد؟ قال: ربيعة قال: مرحباً بالقوم أو الوفد غير خزايا ولا ندامى فقالوا: يا رسول إنّا لا نستطيع أن نأتيك إلا في الشهر الحرام وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مصر فمرنا بأمر فصل نخبر به من وراءنا وندخل به الجنة وسألوه عن الاشربة فأمرهم بأربع ونهاهم عن اربع أمرهم بالايمان بالله وحده (الى قوله) وان تعطوا من المغنم الخمس)) (المصدر 1: 19).
فالنبي (صلى الله عليه وآله) ـ بحسب هذه الرواية ـ لم يطلب من بني عبد القيس ان يدفعوا خمس غنائم الحرب، كيف وهم لا يستطيعون الخروج من حيّهم إلا في الوقت الذي تتوقف فيه الحروب بين القبائل العربية وهي الأشهر الحرم، وايضاً لم يعلّق أو يقيد هذا الفرض عليهم بقيد او شرط حصول حرب لهم مع أحد، إذ لم يرد في الفاظ هذا الحديث شيء من هذا القبيل، مع أنه كان ينبغي عند بيان الأحكام المشروطة أو المقيدة بقيد ان يذكر قيدها أو شرطها معها وخاصة ان هذه هي المهمة الرئيسية للنبي (صلى الله عليه وآله) كما يدل عليه قوله تعالى (( وَأَنزَلنَا إلَيكَ الذّكرَ لتبَيّنَ للنَّاس مَا نزّلَ إلَيهم )) (النحل:44) فعندئذ يكون عدم ذكره (صلى الله عليه وآله) لقيد دفع خمس الغنائم لخصوص دار الحرب وليس لمطلق الفائدة المادية ـ مع فرض أنه هو المقصود ـ اخلال منه (صلى الله عليه وآله) بالواجب المناط به .. وهو مما لا يمكن القول به.. اضافة الى أن مسألة اخراج الخمس من الغنائم الحربية أمر منوط بالنبي (صلى الله عليه وآله) ونائبه في الحرب، فتوجيه مثل هذا الحكم مع كون آلية تطبيقه مقتصرة على افراد معينين يتنافى والكلام وفق مقتضى الحال الذي تعارفت عليه العرب في بلاغتها، إذ القوم لم يسألوا النبي (صلى الله عليه وآله) سوى أن يخبرهم بقول فصل عن الأمور التي ينتفعون بها ويأخذون منها ويدعون من ورائهم إليها، فكان الا جدر به (صلى الله عليه وآله) فيما لو فرض اختصاص الخمس بغنائم الحرب ـ أن يقتصر في كلامه معهم على التكاليف المباشرة دون غيرها، وهو ما يقتضيه واقع حالهم وسؤالهم؟!
وأيضا ورد عن أمير المؤمنين ( عليهم السلام) أخذه للخمس في غير المغانم الحربية. فقد روى البيهقي في (السنن 156:4/157) : ((ان رجلاً سقطت عليه جرّة من دير بالكوفة فأتى به علياً (عليه السلام) , فقال : أقسمها أخماساً , ثم قال خذ منها أربعة أخماس ودع واحداً )) (انتهى).
وفي (الفقيه) للصدوق : أن رجلاً جاء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال : يا أمير المؤمنين أصبت مالاً أغمضت فيه أفلي توبة ؟ قال (عليه السلام): ائتيني خمسة فأتاه خمسه.
س : أين حديث الرسول صلى الله عليه و آله و سلم في وجوب الخمس في ما زاد عن المؤنة ؟
مع العلم لقد اطلعت على أحاديث الائمة رضي الله عنهم ووجدت حديث الرسول عن الخمس في غنائم الحرب والركاز فقط ولم أجد روايات عن الامام علي كرم الله وجهه عن خمس في ما زاد عن المؤنة .
الجواب:
قد روي عن الامام الصادق (عليه السلام) أنه قال : ( حديثي حديث أبي, وحديث أبي حديث جدّي, وحديث جدي حديث الحسين, وحديث الحسين حديث الحسن, وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين, وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله, وحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) قول الله عزوجل ) .(راجع : الكافي 1/42, الوسائل 27/83 ح 33271).
والدليل على وجوب الخمس فيما يفضل عن مؤنة السنة له ولعياله من أرباح التجارات والصناعات والزراعات, هو قوله تعالى : (( واعلموا انما غنمتم من شيء فان لله خمسه )) (الأنفال:41), والغنيمة اسم للفائدة, فكما يتناول هذا اللفظ غنيمة دار الحرب بإطلاقه يتناول غيرها من الفوائد.
وكذلك الدليل على الوجوب الأخبار المستفيضة عن أهل البيت (عليهم السلام) (أنظر الوسائل 9/499 الباب 8 من ابواب ما يجب فيه الخمس). وهذا الحكم مقطوع به في كلام فقهاء الشيعة, بل ادعى عليه العلامة في التذكرة والمنتهى الاجماع وتواتر الاخبار (التذكرة 1/252, المنتهى 1/548). وكما تعلمون, فان الأحكام الشرعية تعبدية, فاذا ثبت الحكم برواية صحيحة يجب الاتباع, فكيف بثبوته بالأخبار المتواترة .
س : أرجو منكم أن تدلوني على مصادر تثبت وجوب الخمس من زمن النبي وعدم اقتصاره على غنائم الحرب.
الجواب:
لا يخفى عليك أيّها الأخ الكريم أن الاصل في تشريع الخمس هو قوله تعالى (( وَاعلَموا أَنَّمَا غَنمتم من شَيء فأَنَّ للَّه خمسَه وَللرَّسول وَلذي القربَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكين وَابن السَّبيل )) (لأنفال:41) وقد ثبت في لغة العرب أن المراد بالغنيمة هو مطلق ما يحصل عليه الإنسان حتى ما يظفر به بيسر وسهولة من غير حرب وقتال (انظر معجم مقاييس اللغة لابن فارس 4: 397، والمفردات للراغب الأصفهاني: 366، واقرب الموارد للعلاّمة الشرنوني 4: 73، والمصباح المنير للغيومي 1: 47، وتاج العروس للزبيدي 9: 7، ولسان العرب للفيروز آبادي 15: 342).
وقد صرّح القرطبي في تفسيره (8: 4) بأن الآية تشمل - كما تقتضيه اللغة - مطلق الفوائد والأرباح وأنها غير مختصة بغنائم دار الحرب وذكرها لغنائم دار الحرب إنما كان من جهة بيان أحد المصاديق، وقد خصصها فقهاء أهل السنة بغنائم دار الحرب من جهة الاجماع . هذا ما أفاده القرطبي.
إلا إننا يمكن أن نناقش هذا الاجماع المدّعى بعد تصريحه - أي القرطبي - واعترافه بعموم اللفظ بأنه ما هو مدرك هذا الاجماع بل ما هي حجيّته: فالنقاش طويل في هذا الجانب، إلا إننا سنقتصر على القول هنا بأن دعوى الاجماع هذه لا تتم - ولا حجية لها - بعد ورود أحاديث شريفة توجب الخمس في الغنائم في غير حال الحرب، كقوله (صلى الله عليه وآله) فيما رواه البخاري وغيره: وفي (الركاز الخمس) والمراد بالركاز هو الكنز المستخرج من باطن الأرض.
وقد استفاد البعض من هذا الحديث ذاته وجوب الخمس في العنبر واللؤلؤ، فقد روى البخاري ايضاً عن الحسن قوله: (في العنبر واللؤلؤ الخمس فإنما جعل النبي (صلى الله عليه وآله) في الركاز والخمس ليس في الذي يصاب في الماء) (صحيح البخاري 2: 136).
وهناك جملة من الرسائل النبوية إلى زعماء القبائل والجماعات البعيدة , والنائية عن المدينة يذكر فيها النبي (صلى الله عليه وآله) لهؤلاء اشياءً يجب عليهم الوفاء بها ومنها: دفع خمس ما غنموا. وهذه فيها دلالة واضحة على استفادة مطلق الفائدة من مفهوم الغنيمة المراد دفع خمسها، فهي خطابات لاناس وأقوام عرب لم يخوضوا حروباً وايضاً لم يقيد النبي (صلى الله عليه وآله) في رسائله تلك خصوص غنائم دار الحرب، فتبقى الدلالة المطابقية لمضامين هذه الرسائل النبوية لما يفهمه العربي من كلمة غنيمة حينما يخاطب بها يكون هو مطلق الفائدة لا غير. ويمكن لكم في هذا الجانب مراجعة ما كتبه النبي (صلى الله عليه وآله) لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن، قال: ((بسم الله الرحمن الرحيم هذا عهد من النبي رسول الله لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن، أمره بتقوى الله في أمره كله وأنه يأخذ من المغانم خمس الله وما كتب على المؤمنين الصدقة من العقار عشر ما سقى البعل وسقت السماء)) (تاريخ مدينة دمشق 45: 480 فتوح البلدان للبلاذري 1: 84)، وبمضمون هذا الكتاب كتب النبي (صلى الله عليه وآله) لجهينة بن زيد مع عمرو بن مرة وايضاً لشرحبيل بن كلال ونعيم بن كلال وحارث بن كلال روؤساء قبيلة رعين ومعافر وهمدان وما كتبه (صلى الله عليه وآله) لسعد هذيم من قضاعة وإلى جذيم حين بعث إليهما كتاباً واحداً يعلّمهم فيه فرائض الصدقة ويأمرهم أن يدفعوا الصدقة والخمس إلى رسوله، وهم بطبيعة الحال لم يخوضوا حرباً أو يشنوا هجوماً على أحد. وهناك رسائل أخرى كان النبي (صلى الله عليه وآله) قد بعثها لملوك حمير ولبني ثعلبة بن عامر ولغيرهم تتناول هذا المعنى (انظر طبقات ابن سعد 1: 27، وأسد الغابة 3: 38، وتنوير الحوالك في شرح موطأ مالك 1: 157، تاريخ الطبري 2: 381، 388، البداية والنهاية 5: 8. تاريخ ابن خلدون 2: 54).
بل وتوجد في البخاري رواية ترشد الى عدم اختصاص الخمس بغنائم الحرب فقط بل أنها تشمل مطلق ما يغنمه الأنسان ويربحه من مكاسب مادية، وهو ما يمكن استفادته منها بشيء قليل من التأملز والرواية تقول: ((ان وفد عبد القيس لما أتوا النبي (صلى الله عليه وآله) قال: من القوم، أو من الوفد؟ قال: ربيعة قال: مرحباً بالقوم أو الوفد غير خزايا ولا ندامى فقالوا: يا رسول إنّا لا نستطيع أن نأتيك إلا في الشهر الحرام وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مصر فمرنا بأمر فصل نخبر به من وراءنا وندخل به الجنة وسألوه عن الاشربة فأمرهم بأربع ونهاهم عن اربع أمرهم بالايمان بالله وحده (الى قوله) وان تعطوا من المغنم الخمس)) (المصدر 1: 19).
فالنبي (صلى الله عليه وآله) بحسب هذه الرواية - لم يطلب من بني عبد القيس ان يدفعوا خمس غنائم الحرب، كيف وهم لا يستطيعون الخروج من حيّهم إلا في الوقت الذي تتوقف فيه الحروب بين القبائل العربية وهي الأشهر الحرم، وايضاً لم يعلّق أو يقيد هذا الفرض عليهم بقيد او شرط حصول حرب لهم مع أحد، إذ لم يرد في الفاظ هذا الحديث شيء من هذا القبيل، مع أنه كان ينبغي عند بيان الأحكام المشروطة أو المقيدة بقيد ان يذكر قيدها أو شرطها معها وخاصة ان هذه هي المهمة الرئيسية للنبي (صلى الله عليه وآله) كما يدل عليه قوله تعالى: (( وَأَنزَلنَا إلَيكَ الذّكرَ لتبَيّنَ للنَّاس مَا نزّلَ إلَيهم )) (النحل:44)، فعندئذ يكون عدم ذكره (صلى الله عليه وآله) لقيد دفع خمس الغنائم لخصوص دار الحرب وليس لمطلق الفائدة المادية - مع فرض أنه هو المقصود - اخلال منه(صلى الله عليه وآله) بالواجب المناط به .. وهو مما لا يمكن المصير إليه.. اضافة الى أن مسألة اخراج الخمس من الغنائم الحربية أمر منوط بالنبي (صلى الله عليه وآله) ونائبه في الحرب، فتوجيه مثل هذا الحكم مع كون آلية تطبيقه مقتصرة على افراد معينين يتنافى والكلام وفق مقتضى الحال الذي تعارفت عليه العرب في بلاغتها، إذ القوم لم يسألوا النبي (صلى الله عليه وآله) سوى أن يخبرهم بقول فصل عن الأمور التي ينتفعون بها ويأخذون منها ويدعون من ورائهم إليها، فكان الاجدر به (صلى الله عليه وآله) فيما لو فرض اختصاص الخمس بغنائم الحرب - أن يقتصر في كلامه معهم على التكاليف المباشرة دون غيرها، وهو ما يقتضيه واقع حالهم وسؤالهم؟!
فهذه الملاحظات المهمة وغيرها تلزم الاستفادة بأن المراد بالخمس من المغنم في الرواية انما هو خمس مطلق المغنم ومطلق الفائدة المادية لا خصوص غنائم الحرب.
هذا ما يمكننا بيانه لكم من مصادر أهل السنة حول هذه المسألة وبهذا الشكل المختصر وإلا فيمكن التوسعة في البحث من جوانب أخرى.
وأما بيان المسألة من مصادر أهل البيت (عليهم السلام) فهي أوضح وأجلى لاتفاق الشيعة الإمامية على وجوب اخراج خمس مطلق الفائدة المادية فالمسألة عندهم لا تحتاج إلى كثير بيان في اثبات ادلتها في هذا الجانب!
س : ما هو السر في عدم توجيه الإمام المهدي (عليه السلام) للأتباع والوکلاء عن حکم الخمس في زمن الغيبة، وعدم وجود نصوص صريحة في ذلك، والغموض الذي يلف موضوع الخمس کما صرح الشيخ المفيد في کتابة المقنعة قوله: ((الخمس حق لغائب لم يرسم فيه قبل غيبتة رسما يجب الانتهاء اليه))، مما أدى الى اختلاف العلماء والفقهاء فيماء بينهم في مستحق الخمس وطرق صرفة ممّا ادى الى ظهور عدد من الأقوال الغريبة والمنافية للعقل والقرآن کما أفتوا بدفن خمس الأموال في الأرض لحين ظهور الإمام الحجة(عليه السلام) أو يوصي الموالي بحق خمس الإمام الى من يثق به لحين ادراك زمن الظهور أو سقوط الخمس عن الشيعة زمن الغيبة.
في حين کان يخرج من الإمام المهدي تواقيع وارشادات بلعن الکذّابين المدعين الوکالة والنيابة عن الإمام وکشف خداعهم کما في التوقيع بلعن محمد بن علي الشلمغاني، کذلك تخرج أجوبه عن أسئلة واشکالات المؤمنين على يد وکلاء الإمام وسفراءه، مثل قصة الحسن بن الحميد وشکة في أمر وکيل الإمام حاجز بن يزيد، وفي کثير من الروايات ينبه الإمام المهدي بعض المؤمنين المخلصين، کما في قصة علي بن الحسين اليماني (الکافي ج1).
الجواب:
1- ان النصوص المتعددة في أحكام الخمس التي وردت من قبل الإئمة (عليهم السلام) كافية في استفادة الأحكام الفرعية في مسألة الخمس زمن الغيبة، ولا توجد ضرورة في بيان هذه الأحكام من قبل الإمام المهدي(عليه السلام) زمن الغيبة الصغرى.
2- لا نستطيع القول بأنّ الامام المهدي (عليه السلام) لم يبيّن في غيبته للوكلاء والسفراء الأحكام المتعلقة بالخمس وكيفية صرفه، ولعله توجد العديد من النصوص ولكن لم تصل إلينا بسبب الحياة السرّية للسفراء.
ولننقل لكم أحد النصوص الواردة في هذا المجال: انه ورد في التوقيع المبارك بخط صاحب الزمان (عليه السلام): (أما سألت عنه من أمر المنكرين لي - الى أن قال - وأما المتلبسون بأموالنا، فمن استحل منها شيئا فإنّما يأكل النيران، وأمّا الخمس فقد أبيح لشيعتنا، وجعلوا منه في حلّ إلى أن يظهر أمرنا، لتطيب ولادتهم ولا تخبث)(وسائل الشيعة: 9/550)، وهذه الرواية من روايات التحليل والتي حملها علمائنا على بعض المحامل من قبيل تحليل الشيعة من الخمس الثابت فيما يكون في غيرهم.
3- ان اختلاف الفقهاء في زمن الغيبة الكبرى في موارد صرف الخمس، لا يدل على وجود غموض في المسألة، ولكن هناك عدّة آراء فهمها الفقهاء من النصوص، وهذا الخلاف الفقهي كغيره من المسائل الفقهية الأخرى، لا يلزم على الإمام المهدي(عليه السلام) بيانه وابداء الرأي فيه.
فان بعض الفقهاء فهم أن الخمس هو حق شخصي (حيثية تعليلية) للإمام (عليه السلام) يجب المحافظة عليه، كما فهم ذلك الشيخ المفيد، وهذا أحد الآراء في المسألة، ولكن هناك رأي قوي يقول أنّ الخمس ليس ملكاً شخصياً للإمام، وإنما هو لمنصب الإمامة (حيثية تقييدية)، أي أنه يستحق بسبب المنصب الالهي ليدير به شؤون المسلمين، وهذا الحق بطبيعة الحال يسري الى الفقيه الجامع للشرائط، فيكون له حق التصرف في الخمس، ولابد من الايصال إليه أو الدفع الى المستحقين بأذنه، لان حيثيته تقيدية وليست تحليلية.
س : هل ممكن ان تردو هذي الشبهة خلال دراستي النظرية، ومعايشتي الميدانية للواقع الشيعي في بلادنا اكتشفت ثماني حقائق خطيرة ومثيرة عن خمس المكاسب، ومع ذلك فهي مجهولة تماماً لدى جميع الذين يقومون بدفعه وأدائه إلى المجتهدين أو (السادة) المنتسبين إلى بيت أمير المؤمنين سيدنا علي رضي الله عنه.
تأتي أهمية هذه الحقائق من أنها إذا عرفت أو انتشرت فإنها ستحدث انقلاباً كاملا في النظرة، والمفهوم القديم (للخمس). وسينذهل من يطلع عليها من الفرق الهائل بين التقاليد الموروثة، والحقائق المجهولة! ولا يحتاج بعدها إلا إلى شيء من
الجرأة والاستقلالية في الرأي للتمرد على الموروث الخاطئ من أجل الحقيقة الصحيحة.
الحقيقة الأولى:
إن أداء خمس المكاسب إلى الفقيه لا يستند إلى أي دليل، ولا أصل له بتاتاً في أي مصدر من المصادر الروائية الشيعية المعتمدة(1). وبعبارة أصرح وأوضح:
إن هذا الأمر لا يستند ولو إلى نص واحد، أو دليل منقول عن (الأئمة المعصومين) - الذين ينبغي ان يكون اعتماد (المذهب) عليهم، ومرجع فتاوي علمائه لا سيما في الأمور العظيمة إليهم يدل، أو يشير مجرد اشارة إلى ما يفعله جمهور الشيعة
اليوم طبقاً إلى الفتاوي التي توجب على المقلد اعطاء خمس ارباحه وأمواله وكسبه إلى الفقيه، إذ لا وجود لهذا النص في أي مصدر من المصادر الروائية المعتمدة.
فهل تصدق؟!!
الحقيقة الثانية:
وهي أعظم وأعجب! وبقدر ما هي كذلك فهي مجهولة أو مستورة بحيث لا يعرفها أحد من الجماهير التي تعتقد بوجوب دفع (الخمس)… هذه الحقيقة هي:
إن كثيراً من النصوص الواردة عن (الأئمة) تسقط (الخمس) عن الشيعة وتبيحه لهم، خصوصاً في زمن (الغيبة) إلى حين ظهور (المهدي المنتظر).
الحقيقة الثالثة:
وهي أعظم وأطم!! إن هذه النصوص تجعل أداء (الخمس) لـ(الإمام) نفسه وفي حالة حضوره الاستحباب، أو التخيير بين الأداء والترك وليس الوجوب!
الحقيقة الرابعة:
وهي غريبة حقاً وملفتة للنظر بشكل مثير!!
هل تعلم أن أحداً من علماء (المذهب) الأقدمين الذين قام عليهم المذهب وتكوَّن؛ كالشيخ المفيد (ت413هـ) أو السيد المرتضى علم الهدى (ت436هـ) أو شيخ الطائفة ابو جعفر الطوسي (ت460هـ) وأمثالهم لم يذكر مسألة إعطاء (الخمس) إلى الفقيه قط، بل ربما لم تخطر لهم على بال!
الحقيقة الخامسة:
وهي عجب في عجب!!
تظهر هذه الحقيقة جلية بمجرد إجراء مقارنة سريعة بين حكم أداء (الخمس) للفقيه وأدائه (للإمام)، إذ يلاحظ التناقض التام بين الحكمين: فمع أن (الخمس)- حسب النظرية الإمامية- هو حق (الإمام)، إلا أن حكم أدائه إليه في كثير من الروايات
المعتبرة الاستحباب وليس الوجوب- كما سيأتي من خلال عرض هذه الروايات لاحقاً- فكيف ارتفعت درجة أدائه إلى الفقيه فصار حكمه واجباً؟! في حين ان الفتوى التي أدخلت الفقيه في الموضوع انما أدخلته بقياسات واجتهادات غايتها ان تجعل منه نائباً أو وكيلا عن صاحب الحق (الإمام) لا أكثر.
فكيف تغير الحكم وارتفع من درجة الاستحباب في حق الإمام إلى الوجوب في حق الفقيه، مع أن المنطق يقضي بأن يكون هذا الحكم - في أحسن أحواله- مشتركاً بينهما، أي مستحبا، مع ملاحظة الفارق الكبير بين الفقيه وبين (الإمام
المعصوم) في الدرجة والمنزلة. فكان المفترض ان ينزل الحكم من الاستحباب إلى الإباحة. وهذا هو الذي جاءت به الكثير من النصوص عن (الأئمة) وقال به الكثير من الفقهاء.
والمقصود بالإباحة هنا أن صاحب المال يباح له التصرف بماله دون أن يطالب باداء (خمسه) إلى أي جهة كانت.
الحقيقة السادسة:
إن نظرية (الخمس) في أصل تكوينها تجعل (للإمام) نفسه نصف (الخمس)، وهو حق الله تعالى ورسوله وذي القربى. أما النصف الآخر فهو لليتامى والمساكين وابن السبيل من بني هاشم، يعطى له أي (للإمام) ليفرقه فيهم، لا ليأخذه لنفسه(2)! إلا أن الواقع المشاهد أن الفقيه يأخذ (الخمس) كله دون مراعاة هذه القسمة. فكيف؟! هل يباح للفقيه من الحقوق ما لا يباح لـ(الإمام) نفسه؟! أم ماذا؟!.
الحقيقة السابعة:
إن نظرية (الخمس) في شكلها الأخير تقسم (الخمس) نصفين - كما أسلفنا في الحقيقة السادسة - نصفاً للفقيه باعتباره نائباً عن (الإمام)، ونصفاً لفقراء بني هاشم (يتاماهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم) وليس للغني ذكر فيها.
وإذن فليس للأغنياء الذين ينتسبون إلى أهل البيت نصيب فيه، لأنهم ليسوا من صنف الفقهاء ولا من صنف الفقراء. فما يفعله هؤلاء من أخذ الأموال باسم (الخمس) بحجة النسب باطل لا يسنده دليل. وهذه الحقيقة مجهولة من قبل عامة من يقوم بدفع (الخمس) إليهم. إذ يدفعون تلك الأموال لكل من يدعي النسبة دون النظر إلى كونه غنياً أم فقيراً.
الحقيقة الثامنة:
وهكذا نصل إلى القول بأن إخراج (الخمس) واعطاءه إلى الفقهاء لا يستند إلى أي نص عن أي (إمام معصوم)، وانما هو فتوى مختلف فيها لبعض الفقهاء، وليس جميعهم ، ومن المتأخرين، وليس المتقدمين منهم.
وقد اختلف هؤلاء الفقهاء فيها وفي تفصيلاتها كثيراً، من فقيه إلى فقيه، ومن زمان إلى زمان. وظلت هذه الفتوى تعاني من النقص ومن إجراءات التحوير والتطوير جيلاً بعد جيل وقرناً بعد قرن دون أن تستقر على صورة نهائية وإلى اليوم!! مما يجعل كل عارف بهذه الحقائق على يقين من عدم استناد هذه الفتوى إلى دليل.
أخيراً أدعو الشيعة إلى عرض هذه الحقائق على علمائهم ليروا هل عندهم من جواب؟
وهل ممكن تعطوني الدليل على اعطاء الخمس للفقهاء في حال الغيبة وخاصة وجهة
اعطاء( الفقهاء) في التصرف ؟ اريد نص المعصوم ؟
(1) هي الكتب الأربعة: الكافي للكليني، وفقيه من لا يحضره الفقيه لابن بابويه القمي، وتهذيب الأحكام والاستبصار لشيخ الطائفة الطوسي.
(2) انظر (النهاية في مجرد الفقه والفتاوى) للطوسي ص265.
الجواب:
إن هذا المستشكل يخلط المسائل والمواضيع بعضها ببعض أما عن عمد ليحقق مآربه وأما عن جهل وتجاهل فهو يطرح المسائل حسب رؤاه ومنظوره الفكري لا حسب مباني وقواعد الفقه الشيعي.
فهو ينسب المسائل المعروفة للخمس عند الشيعة إلى التقاليد الموروثة وغفل عن إن الشيعة يوجبون التقليد في مثل هذه المسائل للمجتهد المعاصر ولا ينسبون أحكامهم الشرعية للسلف كما يفعل غيرهم حتى يصدق عليها أنها موروثات، هذا من جانب المكلفين أما من جانب المجتهدين فإن كل منهم لابد له من أن يستنبط الحكم الذي يفتي به حسب ما وصله من ألأدلة ولا يكفي لتحقق إجتهاده أن يكون مقلدا لمن سبقه ولذا لايصدق عليهم التمسك بالموروث أيضا.
ولنأتي الآن إلى حقائقه المدعاة:
ما أدعاه من الحقيقة الأولى نجيب عليه بنقاط:
1- ظاهر الآية (( وَاعلَمُوا أَنَّمَا غَنِمتُم مِّن شَيءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُربَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُم آمَنتُم بِاللّهِ وَمَا أَنزَلنَا عَلَى عَبدِنَا يَومَ الفُرقَانِ يَومَ التَقَى الجَمعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِير )) (الأنفال:41) إنها مشتملة على تشريع مؤبد كما هو ظاهر التشريعات القرآنية وان الحكم متعلق بما يسمى غنيمة، وغنما سواء كان غنيمة حربية مأخوذة من الكفار أم غيرها مما يطلق عليه الغنيمة لغة كأرباح المكاسب والغوص والملاحة. وإن كان مورد نزول الآية هو غنيمة الحرب فليس للمورد أن يخصص.
2- فإذا قلنا بوجوب الخُمس وهو كذلك فهل هناك نص أو دليل على أداء الخُمس للفقيه؟ نقول نعم إن الذين يخلفون الأئمة (عليهم السلام) في غيبتهم هم الفقهاء إستنادا إلى قول الأمام عليه السلام( وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم).
وقد ذكر المحقق الكركي في المحكي من رسالته التي ألفها في صلاة الجمعة(إتفق أصحابنا على أن الفقيه العادل الأمين الجامع لشرائط الفتوى المعبر عنه بالمجتهد في الأحكام الشرعية نائب من قبل أئمة الهدى عليهم السلام في حال الغيبة في جميع ما للنيابة فيه مدخل وربما استثنى الأصحاب القتل والحدود) وهذا الكلام يوضح شروط الفقيه الذي يصح أن يطلق عليه نائب الإمام عليه السلام بالمعنى العام. وهذا في الغيبة الكبرى.
وهناك شاهد خاص نأخذه من زمان الغيبة الصغرى فإنه ربما يصدر من الناحية المقدسة أمر لشخص معين بدفع ما عليه من الخمس، ففي الكافي عن الحسن بن علي العلوي قال((أودع المجروح مرداس بن علي مالا للناحية، وكان عند مرداس مال لتميم بن حنضلة فورد على مرداس أنفد مال تميم مع ما أودعك الشيرازي)) الكافي1/547.
ويظهر من المقدمة ألأولى بأن هذا التشريع مؤبد ومن المقدمة الثانية وجود نواب عامّون للإمام يقومون مقامه فبالتالي يتحصل أنه لا يوجد طريق لأداء هذا الحكم الشرعي إلاّ بتسليم الخُمس إلى نواب الإمام والرواية العامة في تعيين نوابه بالمجتهدين تكفي في المطلوب فلا يدعي مدعٍ بعدم وجود رواية على هذا الحكم الشرعي.
وفي جواب ما ادعاه من الحقيقة الثانية نقول:
الروايات التي ذكرت في إباحة وحلية الخُمس للشيعة بإلاضافة إلى معارضتها بما ورد من الطائفتين من الروايات( طائفة الروايات الآمرة بدفع الخمس/وطائفة الروايات الظاهرة في نفي التحليل مطلقا) فهي ـ أي الروايات في تحليل الخُمس ـ غير قابلة للتصديق في نفسها ولا يمكن التعويل عليها.
أولا: من أجل منافاتها لتشريع الخُمس الذي هو لسد حاجات السادة والفقراء من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم إذ لو لم يجب دفع الخُمس على الشيعة والمفروض إمتناع أهل السنة وإنكارهم لهذا الحق فمن أين يعيش الفقراء فقراء السادة والمفروض حرمة الزكاة عليهم فلايمكن ألأخذ بإطلاق هذه النصوص جزماً.
ثانيا: أنها معارضة بالروايات الكثيرة الآمرة بدفع الخُمس في الموارد المتفرقة والأجناس المتعددة كقوله عليه السلام خذ من أموال الناصب ما شئت وادفع إلينا خمسه، أو من أخذ ركازا فعليه الخمس، وما ورد في أرباح التجارات من صحيحة علي بن مهزيار الطويلة وغيرها. فلو كان مباحا للشيعة وساقطا عنهم فلماذا يجب عليهم الخُمس وما معنى الأمر بالدفع في هذه النصوص المتكاثرة، وهل ترى إن ذلك لمجرد بيان الحكم الإقتضائي غير البالغ مرحلة الفعلية بقرينة نصوص التحليل.
هذا مضافا إلى معارضتها بالطائفة الثانية الظاهرة في نفي التحليل مطلقا مثل ما رواه علي بن إبراهيم عن أبيه قال: كنت عند أبي جعفرالثاني (عليه السلام) إذ دخل عليه صالح بن محمد بن سهل وكان يتولى له الوقف بقم فقال يا سيدي إجعلني من عشرة الآف درهم في حل فإني قد أنفقتها فقال له أنت في حل، فلما خرج صالح، فقال أبو جعفر عليه السلام: أحدهم يثب على أموال(حق) آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأيتامهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم فيأخذه ثم يجئ فيقول إجعلني في حل، أتراه ظن أني أقول لا أفعل والله ليسألنهم الله يوم القيامة عن ذلك سؤالا حثيثا.
ومعتبرة أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول من اشترى شيئا من الخُمس لم يعذره الله اشترى ما لا يحل له. الوسائل باب3 من أبواب الأنفال الحديث.
والمتحصل من جميع ما ذكرناه( والعبارة للسيد الخوئي )لحد الآن أن المستفاد من نصوص الباب بعد ضم البعض إلى البعض والجمع بينهما إنما هو التفصيل بين الخُمس الواجب على المكلف بنفسه إبتداءاً فلا تحليل، وبين ما انتقل إليه من الغير فلا خمس عليه وإنما هو في عاتق من انتقل عنه. فيتعلق ببدله إن كان له بدل، وإلا ففي ذمته كما في الهبة ومرجعه إلى إجازة ذلك النقل من قبل ولي ألأمر.
وأما جواب ما ادعاه من الحقيقة الثالثة:
فكلامه دعوى عجيبة لم يأتِ عليها ببينة هذا أولا، ثم أنّ الخُمس واجب لدلالة ألآية الواضحة التي تقول أعطوا حق الله ورسوله وذي القربى بإخراج الخُمس ولا أدري هل يؤمن هذا بالخمس أم لا ؟ أو لعلّه يتصوّر أنه اخترع إختراعا جديداً!!.
إن الخُمس واجب والدليل ما فعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقد أرسل عمرو بن حزم إلى اليمن لإرشاد الناس وتبليغ ألأحكام، وجعله وكيلا في قبض ألأخماس وجلبها إليه صلى الله عليه وآله وسلم ففي كتابه لرؤساء قبيلة ذي رعين ومعاقر وهمدان (( أما بعد فقد رجع رسولكم وأعطيتم من المغنم خُمس..) ( كتاب تنوير الحوالك في شرح موطأ مالك 1/157). كما ورد في كتابه إلى سعد بن هذيم من قضاعة، و إلى جذام كتابا واحدا يعلمهم فيه فرض الصدقة وأمرهم أن يدفعوها والخُمس إلى رسوليه أُبيّ وعنبسة ( طبقات بن سعد 1/27).
وتقدم أن الأئمة عليهم السلام كانوا يرسلون الوكلاء في قبض الخُمس من مواليهم. وعلى فرض التنزل والقول بأنه لم يرسل الرسول ألأكرم صلى الله عليه وآله العمال لأخذ الخُمس وجبايته فهو لا يدل على عدم الوجوب، كيف وقد ثبت وجوبه في الركاز عند الجميع ولم يعهد عنه صلى الله عليه وآله أنه أرسل عمالاً لأخذ خمس الركاز.
وقد دلت ألأخبار والآثار المروية عند الفريقين على أن أمير المؤمنين عليه السلام قد أخذ ألأخماس وكانت تجبى إليه ويأخذها ثم يردها إلى أصحابها ليصرفوها أو يجيزهم في الصرف على الفقراء والمساكين أو يهبها لهم حسب ما يراه من المصلحة.
وقد ورد في سنن البيهقي إنه أجاز للسائلين التصدق بالخمس على فقراء بلادهما.
هذا بالنسبة للرسول وقد أوردت لك ما كان من إمتعاض أئمة أهل البيت عليهم السلام من التساهل في مسألة الخُمس وعدم تأديته من خلال ما تقدم من الروايات ومثلها رواية الإمام الصادق عليه السلام (( إن أشد ما فيه الناس يوم القيامة أن يقوم صاحب الخُمس فيقول يا رب خمسي)). فيكون المتحصل من جميع ألأخبار والأحاديث أن أئمة أهل البيت عليهم السلام لم يُهملوا حقهم بل كانوا يطالبون به ويشددون ألأمر فيه، ويؤكدون ثبوت حقهم بأنحاء التأكيدات.
وجواب دعواه الرابعة:
ان هناك عدة أمور:
أولها: وجوب الخُمس في أرباح المكاسب فقد ورد في كلمات فقهاء علمائنا الإجماع عليه.
ثانيها: في مصرف الخُمس، فالخُمس يقسم إلى ستة أقسام ثلاثة إلى السادة وثلاثة إلى ألإمام.
ثالثها في متصدي الصرف وقد أفتى الفقهاء بأن ذلك للمجتهد جامع الشرائط وذك لما أوردنا في النقطة الأولى من أنه يقوم مقام الإمام فهو نائبه العام، وأما من لم يذكر ذلك من فقهائنا القدماء فلأنه كان يرى تحليل الخُمس للشيعة أخذا ببعض الروايات التي لم يقبل الفقهاء عمومها.
وأما دعواه الخامسة: فهي دعوى لم يأت عليها بدليل بل يردها ظهور الآية في الوجوب والروايات الكثيرة على ذلك، مع أنّ هذا المستشكل لم يفرق بين مستحق الخُمس ومورد صرفه وبين متولي الصرف فإن المتولي للصرف في عصر ألإمام عليه السلام هو ألإمام بنفسه وفي الغيبة هم المجتهدون الجامعون للشرائط كما بينا. وكما في بعض الروايات من جواز صرف الخُمس مباشرة إلى مستحقيه فهو بإذن ألإمام عليه السلام كما يحدث الآن من بعض الفقهاء.
وقد غفل أيضا عن أن فتوى الفقهاء الآن بوجوب إعطاءه للفقيه على الإحتياط. وأما إستنباط ذلك الحكم فلم يكن بالقياسات لأنها عندنا باطلة وإنما كان باستنباطات شرعية تقوم بها الحجة.فقوله بأن حكم إعطاء الخُمس كان مستحبا للإمام فكيف انقلب إلى واجب الإعطاء إلى الفقيه غفلة وجهل منه لا أكثر.
وما إدعاه سادسا من أن الفقيه يأخذ الخُمس كله فهو جهل لا أكثر إن لم يكن تجاهل فإن أي شيعي يعرف إن الفقيه يصرف حق السادة للسادة المستحقين. وقد بان كذب دعواه السابقة مما قدمناه فهذه رسائل العلماء تحدد بوضوح أصناف السادة المستحقين فليراجع.
وما ذكره من ثامنا، فلا يعدو أن يكون تمحلا منه وإستنتاجا لما أملاه عليه هواه مع إنه غفل عن إن الشيعة أجمعت على وجوب التقليد للمكلفين إذا لم يكونوا فقهاء وإن المقلد يحب أن يوافق في عمله فتوى من قلده وليس له أن يختار من الفتاوى ما شاء ومن الفقهاء ما شاء.
س لقد اعتنى المخالفون للشيعة الإمامية بطرح تشكيكات متعددة حول الخمس، وكثرت نداءاتهم لعوام الشيعة لتحريضهم لترك أداء الخمس إلى مراجع الشيعة وعلمائهم، وكان آخر ما اطلعت عليه من هذه التشكيكات هو أن النبي صلى الله عليه وآله من خلال ما هو معلوم من سيرته المباركة كان لا يأخذ من الناس خمس أرباح المكاسب كما يفعله اليوم مراجع الشيعة، ولم يكن النبي صلى الله عليه وآله يأمر الناس بدفعه، أو يشير إليه من قريب أو بعيد، وسيرة أئمة أهل البيت عليهم السلام كانت نفس سيرة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، كما أن آية الخمس في القرآن الكريم نزلت بعد واقعة بدر الكبرى، وهي تبين كيفية توزيع غنائم الحرب, وهي الآية الوحيدة في القرآن الكريم التي تناولت موضوع الخمس، فكيف يأخذ علماء الشيعة خمس أرباح المكاسب من عند الشيعة؟ وعلى أي أساس تم تشريع خمس الكسب، واعتباره فرعاً من فروع المذهب؟ حيث لا تقرّه بقية المذاهب الإسلامية بما فيها الشيعة من غير الإمامية؟
وهذه شبهة ضعيفة، ويمكن لنا أن نجيب عليها بعدة إجابات:
1- أنه لا دليل على أن النبي صلى الله عليه وآله لم يكن يأخذ خمس أرباح المكاسب من الناس في زمانه؛ وذلك لأن الأحاديث المروية لا تدل على أن النبي صلى الله عليه وآله كان لا يأخذ خمس الكسب من الناس، بل هي ساكتة عن ذلك، فلعله صلى الله عليه وآله كان يأخذ الخمس من الناس، ولكن لم تصل إلينا الأحاديث بذلك، فعدم وجود أحاديث تدل على أن النبي صلى الله عليه وآله كان يأخذ خمس الكسب لا يدل على أنه صلى الله عليه وآله لم يأخذه من الناس، وكم من أمر كان النبي صلى الله عليه وآله يفعله ولم يصل إلينا، لأن الأحاديث لم تنقل لنا كل ما كان النبي صلى الله عليه وآله يفعله في زمانه.
2- أن كثيراً من الأحاديث قد سقطت أو أسقطت فلم تصل إلينا، ولعل من تلكم الأحاديث أحاديث تدل على أن النبي صلى الله عليه وآله كان يأخذ خمس الكسب من الناس، فأسقطها أعداء أهل البيت عليهم السلام حتى لا تكون لهم حجة على من يمنعهم حقهم، ولا سيما أن الخمس يعطي أئمة أهل البيت عليهم السلام القوة والاستقلالية، ولذلك حاول أعداء أهل البيت عليهم السلام أن يمنعوهم منه عبر العصور، فطمسوا كل ما يدل على أن لهم حقاً في الخمس.
3- أن الأحاديث لا تسجل الحوادث العادية، مثل من يدفع الزكاة، ومن يدفع الخمس، ومن يصلي، ومن يصوم، إلا إذا وقعت حادثة تقتضي تسجيل تلك الواقعة، كمن دفع درهماً من الزكاة ، فقال بعض الناس : إن الله لغني عن هذه الزكاة. أو ما شابه ذلك، فلعل الناس كانوا في زمان النبي صلى الله عليه وآله يدفعون خمس مكاسبهم، ولكن لم يسجل التاريخ ذلك لعدم أهمية نقل ذلك وتدوينه، كما أنه لم يسجل التاريخ كثيراً من الحوادث العادية التي وقعت في زمان النبي صلى الله عليه وآله وزمان من جاء بعده.
4- أن الناس كانوا في زمان النبي صلى الله عليه وآله فقراء معدمين، فلعله لم يكن عندهم فاضل مؤونة يجب عليهم تخميسه، ليأمرهم النبي صلى الله عليه وآله بدفع الخمس إليه، ولا سيما أنه كان في غنائم الحرب كفاية لبني هاشم.
5- أن الناس كانوا في زمانه صلى الله عليه وآله ـ مع فقرهم ـ حديثي عهد بالإسلام، ودفع الخمس ربما شق عليهم، فلو سلمنا أنه صلى الله عليه وآله لم يأمر الناس بدفع خمس مكاسبهم رعاية لذلك، فإن هذا لا يعني سقوطه عنهم، لاحتمال أنه صلى الله عليه وآله قد أوكل إليهم دفعه من غير إلزام منه.
6- لو سلمنا أن النبي صلى الله عليه وآله لم يأمر الناس بدفع خمس مكاسبهم فلعل ذلك بسبب أنه صلى الله عليه وآله راعى مصلحة أهم، ولذلك لم يأمر الناس بدفع الخمس في ذلك الوقت، ولا سيما أن الخمس يعود إليه صلى الله عليه وآله وإلى قراباته، ولو ألزم الناس بدفعه أو حثهم عليه لكثر الكلام حوله، فكانت المصلحة تقتضي ألا يلزم الناس بدفع خمس مكاسبهم وإن كان واجباً عليهم، كما أن النبي صلى الله عليه وآله ترك قتل المنافقين في زمانه، وترك إقامة بعض الحدود رعاية لمصلحة أهم.
7- أن أحاديث أئمة أهل البيت عليهم السلام مستفيضة بل متواترة في لزوم دفع الخمس من أرباح المكاسب.
منها: صحيحة محمد بن الحسن الأشعري، قال: كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام: أخبرني عن الخمس، أعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل وكثير، من جميع الضروب وعلى الصناع؟ وكيف ذلك؟ فكتب بخطه: الخمس بعد المؤونة. (وسائل الشيعة 6/348).
ومنها: موثقة سماعة قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الخمس، فقال: في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير. (وسائل الشيعة 6/350).
إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة، فراجع إن شئت كتاب وسائل الشيعة 6/348-350.
كما أن أئمة أهل البيت عليهم السلام كانوا يقبضون خمس أباح المكاسب من شيعتهم، وكانوا يحثون شيعتهم على دفعه، ويحذرونهم من التهاون في أدائه.
ومع توافر هذه الأحاديث وهذه السيرة القطعية المنقولة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام فإنه يجب علينا العمل بذلك، وأما ما حدث في زمان النبي صلى الله عليه وآله فلم نحط به، ولسنا مكلفين به، ولا يمكن أن نعارض الأحاديث المتواترة بظنون أو بفعل مجمل.
8- أن النبي صلى الله عليه وآله وإمام كل عصر له الحق في إسقاط الخمس، لأنه حقه، وكل صاحب حق له أن يسقط حقه، سواء أكان خمساً أم غيره، فلعل النبي صلى الله عليه وآله رعاية للمصالح العامة قد أسقط حقه من الخمس، وعوض بني هاشم بالأنفال التي هي حق خالص له، ولذلك لم يأمر الناس بدفع الخمس لو سلمنا بأنه لم يأمر الناس بذلك، وهذا لا يعني عدم وجوب الخمس إلى يوم القيامة.
9- أنا لو سلمنا بأن آية الخمس، وهي الآية 41 من سورة الأنفال نزلت بعد واقعة بدر لتبين كيفية توزيع الخمس أو الغنائم، فإن الآية مطلقة، و(غنمتم) فيها بمعنى كسبتم، وهو شامل لكل كسب، وخصوص المورد لا يخصص الوارد، فإن نزول آية في مورد خاص لا يقيد الإطلاق الموجود فيها، وآية الخمس مطلقة لا مخصص لها، فيكون الخمس واجباً في أباح المكاسب.
10- أن اعتبار الخمس من فروع المذهب إنما هو بسبب نزول الآية المباركة فيه، وهي تنص على وجوبه، وهذا كاف في اعتباره من فروع المذهب، وأما تفاصيل أحكام الخمس فهي مأخوذة من أئمة العترة النبوية الطاهرة الذين أوجب النبي صلى الله عليه وآله على الأمة اتباعهم والتمسك بحبلهم، كما نص عليه حديث الثقلين الذي اتفق الناس على صحته واعتباره، وبذلك لا يهمنا ما يقوله أتباع المذاهب الأخرى، ما دمنا متمسكين بالكتاب وبالعترة الطاهرة، والحمد لله رب العالمين..
السبت، 24 سبتمبر 2016
عشرات آلاف قوالب الثلج وفّرها معملُ ثلج العتبة العبّاسية المقدّسة لجهاتٍ عديدة خلال موسم الصيف ولا يزال..
من المعامل التي أنشأتها العتبةُ العبّاسية المقدّسة وسخّرت منتوجها لخدمة الزائرين والمواطنين داخل وخارج محافظة كربلاء المقدّسة هو معمل ثلج العتبة المقدّسة الذي سخّر جميع خطوطه الإنتاجية ذات الكفاءة والنقاوة العاليتين بالمجّان لموارد صرف عديدة.
مديرُ المعمل السيد هاشم الموسوي بيّن لشبكة الكفيل: "أنّ المعمل منذ أن باشر بإنتاجه أبوابه مفتوحة للجميع ويعمل على مدار الساعة من أجل سدّ الحاجة من هذه المادّة للمواطنين أو الزائرين أو فئات ومؤسّسات أخرى، وحسب خطّة عمل وضعت تتناسب مع ما يطلب وحسب الاحتياج الذي شهد ازدياداً ملحوظاً في هذا العام عن بقيّة الأعوام الماضية وذلك بسبب حرارة الجوّ واتّساع رقعة المساحة التي يغطّيها".
وأضاف الموسوي: "أنّ الجهات التي يتمّ تزويدها بمادة الثلج هي كما يلي:
1- العتبة العبّاسية المقدّسة ومنشآتها الداخلية والخارجية.
2- منطقة ما بين الحرمين الشريفين.
3- المواكب والهيئات الحسينية.
4- مجمّعات خدمة الزائرين التابعة للعتبة العبّاسية المقدّسة.
5- معسكرات تدريب القوّات الأمنية والحشد الشعبيّ.
6- ما يُقدَّم لزائري العتبات المقدّسة (العلويّة – الكاظميّة – العسكريّة) خلال مواسم الزيارة المخصوصة وحسب الظروف الجوية.
7- العوائل النازحة ومخيّماتها داخل وخارج محافظة كربلاء المقدّسة.
8- القوّات الأمنية والحشد الشعبيّ داخل وخارج محافظة كربلاء المقدّسة.
9- المواطنين، ويكون التوزيع بصورةٍ مباشرة عن طريق المعمل أو عن طريق العجلات -سيارة- المتنقّلة.
10- الحسينيات والجوامع داخل محافظة كربلاء المقدّسة".
وأوضح الموسوي: "أنّ أغلب فقرات التوزيع هذه تتكفّل بها شعبة السقاية التابعة لقسم الشؤون الخدميّة في العتبة العبّاسية المقدّسة التي تمتلك عجلات -اختصاصيّة- خاصّة بنقل وحفظ مادة الثلج".
وبيّن: "أنّ زيادة الطلب على المنتج لم يؤثّر على جودته أو نقاوته لكون أنّ المعمل يمتلك خطوطاً إنتاجية متطوّرة تجعله يُعطي كمّيات كبيرة في زمنٍ قياسي، كذلك زوّدنا المعمل بمخزنٍ مبرّد نضع فيه ما يفيض عن الحاجة لاستخدامه في أوقات الذروة والاحتياج الطارئ".
يُذكر أنّ هذا المشروع يأتي ضمن سلسلةٍ من المشاريع الخدمية التي تُقيمها العتبة العبّاسية المقدّسة الهادفة الى تقديم أفضل الخدمات للزائرين والرقيّ بها، ومن المؤمّل أن يغطّي نسبةً كبيرةً من احتياجات محافظة كربلاء المقدّسة من هذه المادّة، وبخطٍّ إنتاجيّ متطوّر ذي طاقة وكفاءة عاليتين وباستخدام تقنية (RO)، ويقع المعمل في مجمّع السقاء2 (مخازن العتبة العبّاسية المقدّسة) على طريق (بابل - كربلاء).
المصدر : موقع الكفيل
الأربعاء، 7 سبتمبر 2016
ضابط عراقي يجتاز دورة الرينجرز (( RANGERS )) في امريكا ويحتل المركز الثاني
يهنئ موقع شبكة كربلاء مديا العالمية - الملازم . أول أثير وحيد عبد الفتاح .
الذي اعتبر ثاني ضابط عراقي يجتاز دورة الرينجرز (( RANGERS )) في امريكا بعد الرائد الركن اركان وهو كان امر فصيل في سرية عمار بن ياسر .
معلومات عن الدورة : -
1. عدد المشتركين (( 460 ضابط )) من مختلف البلدان .
2. عدد المتخرجين (( 60 ضابط )) فقط .
3. تسلسل الضابط العراقي الثاني على الدورة .
الخميس، 1 سبتمبر 2016
نتائج الثالث متوسط لجميع محافظات العراق لامتحانات الدور الثاني
اعلنت وزارة التربية، اليوم الخميسن نتائج امتحانات الدور الثاني للصف الثالث المتوسط.
نتائج كافة المحافظات للدخولاضغط هنا
نتائج امتحانات الدور الثاني للاعداديات المهنية في كافة محافظات العراق
اعلنت وزارة التربية، اليوم الخميس نتائج امتحانات الدور الثاني للاعداديات المهندية في كافة محافظات العراق.
للحصول على النتائجاضغط هنا
نتائج الدور الثاني للصف السادس الاعدادي العلمي لكافة محافظات العراق
اعلنت وزارة التربية، اليوم الخميس، نتائج امتحانات الدور الثاني للدراسة الاعدادية/ الفرع العلمي لكافة محافظات العراق.
للحصول على النتائج اضغط هنا
وسيتم رفع نتائج باقي مديريات التربية تباعا. انتهى/خ.
الاشتراك في:
الرسائل
(
Atom
)